قلب كبير
عدد المساهمات : 12 تاريخ التسجيل : 17/07/2009
| موضوع: إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا الجمعة يوليو 17, 2009 10:42 am | |
| السلام عليكم و رحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحـــــــديـــــــــث
إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً فتح الباري بشرح صحيح البخاري قَوْله ( حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْن عَبْد الرَّحِيم ) هُوَ أَبُو يَحْيَى الْبَغْدَادِيّ الْمُلَقَّب صَاعِقَة , وَأَبُو زَيْد مِنْ شُيُوخ الْبُخَارِيّ قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ بِلَا وَاسِطَة فِي بَاب إِذَا رَأَى الْمُحْرِمُونَ صَيْدًا فِي أَوَاخِر " كِتَاب الْحَجّ " وَكَذَا فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة .
قَوْله ( عَنْ أَنَس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) هَذِهِ رِوَايَة قَتَادَةَ وَخَالَفَهُ سُلَيْمَان التَّيْمِيُّ كَمَا فِي الْحَدِيث الثَّانِي , فَقَالَ " عَنْ أَنَس عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " فَالْأَوَّل مُرْسَل صَحَابِيّ .
قَوْله ( يَرْوِيه عَنْ رَبّه عَزَّ وَجَلَّ ) فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن جَعْفَر وَمِنْ طَرِيق حَجَّاج بْن مُحَمَّد كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَة سَمِعْت قَتَادَةَ يُحَدِّث عَنْ أَنَس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ رَبّكُمْ , وَفِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ " عَنْ شُعْبَة " وَمِنْ طَرِيقه أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم " يَقُول اللَّه " قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ قَوْله " قَالَ رَبّكُمْ " وَقَوْله " يَرْوِيه عَنْ رَبّكُمْ " سَوَاء أَيْ فِي الْمَعْنَى .
قَوْله ( إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْد إِلَيَّ شِبْرًا ) فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " مِنِّي " وَفِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيِّ " إِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي عَبْدِي " وَالْأَصْل هُنَا الْإِتْيَان بِمِنْ , لَكِنْ يُفِيد اِسْتِعْمَال " إِلَى " بِمَعْنَى الِانْتِهَاء فَهُوَ أَبْلَغُ .
قَوْله ( تَقَرَّبْت إِلَيْهِ ذِرَاعًا , وَإِذَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " مِنِّي " وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالطَّيَالِسِيّ .
قَوْله ( ذِرَاعًا تَقَرَّبْت مِنْهُ بَاعًا , وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْته هَرْوَلَة ) لَمْ يَقَع " وَإِذَا أَتَانِي " إِلَخْ فِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيِّ قَالَ اِبْن بَطَّال : وَصَفَ سُبْحَانه نَفْسه بِأَنَّهُ يَتَقَرَّب إِلَى عَبْده وَوَصَفَ الْعَبْد بِالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ وَوَصَفَهُ بِالْإِتْيَانِ وَالْهَرْوَلَة كُلّ ذَلِكَ يَحْتَمِل الْحَقِيقَة وَالْمَجَاز فَحَمْلهَا عَلَى الْحَقِيقَة يَقْتَضِي قَطْع الْمَسَافَات وَتَدَانِي الْأَجْسَام وَذَلِكَ فِي حَقّه تَعَالَى مُحَال فَلَمَّا اِسْتَحَالَتْ الْحَقِيقَة تَعَيَّنَ الْمَجَاز لِشُهْرَتِهِ فِي كَلَام الْعَرَب فَيَكُون وَصْف الْعَبْد بِالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ شِبْرًا وَذِرَاعًا وَإِتْيَانه وَمَشْيه مَعْنَاهُ التَّقَرُّب إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ وَأَدَاء مُفْتَرَضَاته وَنَوَافِله وَيَكُون تَقَرُّبه سُبْحَانه مِنْ عَبْده وَإِتْيَانه وَالْمَشْي عِبَارَة عَنْ إِثْبَاته عَلَى طَاعَته وَتَقَرُّبه مِنْ رَحْمَته , وَيَكُون قَوْله أَتَيْته هَرْوَلَة أَيْ أَتَاهُ ثَوَابِي مُسْرِعًا , وَنُقِلَ عَنْ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ إِنَّمَا مَثَّلَ الْقَلِيل مِنْ الطَّاعَة بِالشِّبْرِ مِنْهُ وَالضَّعْف مِنْ الْكَرَامَة وَالثَّوَاب بِالذِّرَاعِ فَجَعَلَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَبْلَغ كَرَامَته لِمَنْ أَدْمَنَ عَلَى طَاعَته أَنَّ ثَوَاب عَمَله لَهُ عَلَى عَمَله الضَّعْف وَأَنَّ الْكَرَامَة مُجَاوَزَة حَدّه إِلَى مَا يُثِيبهُ اللَّه تَعَالَى , وَقَالَ اِبْن التِّين الْقُرْب هُنَا نَظِير مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْله تَعَالَى ( فَكَانَ قَاب قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) فَإِنَّ الْمُرَاد بِهِ قُرْب الرُّتْبَة وَتَوْفِير الْكَرَامَة وَالْهَرْوَلَة كِنَايَة عَنْ سُرْعَة الرَّحْمَة إِلَيْهِ وَرِضَا اللَّه عَنْ الْعَبْد وَتَضْعِيف الْأَجْر , قَالَ : وَالْهَرْوَلَة ضَرْب مِنْ الْمَشْي السَّرِيع وَهِيَ دُون الْعَدْو وَقَالَ صَاحِب الْمَشَارِق الْمُرَاد بِمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيث سُرْعَة قَبُول تَوْبَة اللَّه لِلْعَبْدِ أَوْ تَيْسِير طَاعَته وَتَقْوِيَته عَلَيْهَا وَتَمَام هِدَايَته وَتَوْفِيقه وَاللَّهُ أَعْلَم بِمُرَادِهِ . وَقَالَ الرَّاغِب قُرْب الْعَبْد مِنْ اللَّه التَّخْصِيص بِكَثِيرٍ مِنْ الصِّفَات الَّتِي يَصِحّ أَنْ يُوصَف اللَّه بِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْحَدّ الَّذِي يُوصَف بِهِ اللَّه تَعَالَى نَحْو الْحِكْمَة وَالْعِلْم وَالْحِلْم وَالرَّحْمَة وَغَيْرهَا , وَذَلِكَ يَحْصُل بِإِزَالَةِ الْقَاذُورَات الْمَعْنَوِيَّة مِنْ الْجَهْل وَالطَّيْش وَالْغَضَب وَغَيْرهَا بِقَدْرِ طَاقَة الْبَشَر وَهُوَ قُرْب رُوحَانِيّ لَا بَدَنِيّ , وَهُوَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْد مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْت مِنْهُ ذِرَاعًا . . | |
|